قصة طفل فقد أخاه وأمه و أخواته

      Comments Off on
قصة طفل فقد أخاه وأمه و أخواته

قام شخص يذكر قصة جده في البادية في الزمن القديم فقال في الزمن الماضي كان في نجد الجوع والفقر قبل زمن الملك عبد العزيز. في تلك الأثناء قرر جده وكان في ذلك الوقت صغراً قرابة الخامسة عشر أو ما يقاربيها ومعه أخاه (أكبر منه سناً), قررا ان يذهبا الى العراق وقد كانت مشهورة في ذلك الزمن بالنعم والخيرات الكثيرة. فقد قيل في ذلك الزمن ان الخبز يرمى للبعارين وفي نجد كانوا لا يجدونه لانفسهم. فذهبا الى الشمال وهي الوجهة ولم يكونوا يعرفوا الطريق تحديداً فلم يكن هناك طرق ثابته وانما بمعرفة الاتجاهات. ذهبا شمالاً وفي طريقهما وجدا قبيلة دخلوا عليهم وقالوا نريد العمل لديكم. ولم يكن لتلك القبيلة كثير مال فاعملوهم بالرعي على ان تكون اجرة عملهما هي ملء بطونهما بالطعام فقط. بعد مدة من الزمن قرر الاخوان الذهاب وتغيير المكان حيث ان هذا الاجر لايفيدهما ولا يفيد عائلتيهما. فذهبا شمالاً ولم يكن معهما مركبا ولا زاداً وفي الطريق وقد اهلكهما التعب وبعد عناء يوم كامل من السفر وجدا قبيلة فقرروا الدخول عليها وهم بين البيوت اذ ابصر الاخ الاكبر تلك المرأة التي كانت تقرص (تحضر القرصان على المقرصة فوق النار) فقال لاخيه انتبه لي سننتظر هذا القرص حتى يقترب على الاستواء فناخده منها عنوة وناكله. وعندما ظنا ان القرص على وشك الانتهاء استغل الاخ الاكبر التهاء المرأة بتحضير اشياء اخرى فوثب على القرص مسرعاً وخطفه من على المقرصة وانطلق هارباً فلحقه اخيه والمرأة من خلفهما وهي تدعي عليهما وتسبهم باقبح السب وتقول هذا مال ايتام. بعدما إبتعدا وبعد ان حس الاخوان بالامان واستراحا, اخذا ياكلان القرص. فلما احسا ببعض الشبع اخذ الاخ الاصغر يتفكر في كلام المرأة ويندم على فعله فنهره اخوه من ذلك وقال نحن كدنا نموت من الجوع. بعد هذه الوجبة استمرا في السير الى ان وصلا الى قبيلة اخرى فدخلا عندهم وفي المساء اصاب الاخ الاكبر اوجاع في بطنه واخذت بالازدياد شيئا فشيئا وقامت القبيلة بعلاجه بالكي الا ان ذلك لم يجد نفعاً معه. ففي الصباح افضى هذا الاخ روحه لله فقامت القبيلة بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ومن ثم دفنه. كل ذلك والاخ الاصغر يشاهد وغير مصدق لما حدث فقد فقد الاخ والمعين واصبح وحيداً. فاصابته حاله هستيرية جعلته يبكي صباح مساء. ففي كل صباح يذهب الى قبر اخيه ويفرك بطنه على القبر (من شدة ما يجد من ألم الفراق) واستمر على هذه الحالة الى ان اشفق عليه احد اعيان القبيلة واشار على قومه ان يغيروا مكانهم لعل الطفل ينسى. وفعلاً من الغد قاموا بتكتيف الطفل واغماء عينيه لكي لا يعلم وجهتهم. وبعد وصولهم للمكان الجديد قاموا بفكه واطلاقه من القيد. اخذ هذا الطفل يتامل المكان فلم يعرفه وبعد فترة من الزمن افاق من المصيبة وقرر اكمال الطريق وحده. أشارت عليه القبيلة بان يبقى معهم مخافتهم عليه من الضياع في الطريق الا انه اصر على الذهاب لانه كان يريد ان يجلب المال لاهله. أكمل هذا الصبي طريقه الى ان وصل للكويت المعروفة حالياً وعمل فيها الا انه لم يستقر فيها لان الاجر كان قليلاً بعدها توجه الى العراق حيث وجد تاجراً هناك له قصور وخيول. فاتفق معه على العمل وان يكون اجره حصان عن كل سنه يعمل فيها عند التاجر. وبعد عشر سنوات قرر الولد وقد أصبح شاباً فتياً العودة الى اهله فاوفي التاجر له اجره واعطاه عشرة من الاحصنة قرر الذهاب بها للسوق وابقاء حصانين معه واحد لركوبه والاخر لحمل الامتعة والهدايا لاهله. وفي طريقه للسوق قابل بعض اصدقائه وقد سألوه الحذية (الهدية) وكان من شيم العرب اعطاء الهدايا لمن سالهم حتى وان كان محتاجا لها. فاهدى منها قرابة الثلاثة احصنة. بعدها وصل للسوق وباع ما تبقى معه من احصنة وقام بشراء هدايا لامه وأخواته وما يحتاجونه من قهوة وعيشة وأرزاق وخلافه. أخذ طريقه الى نجد حتى وصل الى مكان قبيلته الا انه وجد الارض قد اجدبت واهلها قد رحلوا فذهب سيتقصي اخبارهم الى ان وجد رجلا من قومه فسأله عن اهله الا انه لم يجبه على سؤاله بالتحديد وانما قال له بخير ولكن يجب ان تقلط معي (اي تدخل بيتي وتاكل معي) الا انه من شوقه رفض وقال اني اريد رؤية امي واخواتي واعاد عليه المضيف الكرة الا انه رفض من شدة اشتياقه لاهله. فلما وجد منه هذا الرجل الرفض الشديد لدخول البيت, اخبره عن حال اهله وان امه واخواته اصابهم مرض شديد لم يستطيعوا مقاومته حتى اخذ الله امانته (ماتوا). ولم يتبقى له الا اخت وحيدة قاموا بتزويجها من رجل في القبيلة وهي تعيش معه. سال عنها واخبره الرجل بمكانها ذهب اليها وسلم عليها واعطاها جميع الهدايا التي كانت مخصصة لامه واخواته وقال انها كانت لهن الا انها لكي الان, فافعلي بها ماشئتي.