الأرقام ليس لها أي تحيّز أو ميول, تعرض النتيجة كما هي من دون تعديلٍ أو تغيير. ولكن لعرض الأرقام بشكل صحيح لابد من توفر مقياس مناسب. وهذا المقياس لابد من توفر شرطان مهمان له. الأول الموثوقية وتعني أن نتائجه دائماً موثوقة. الثاني الثبات وتعني أنه دائماً يعطني نفس النتيجة لنفس المعطيات. مثال مقياس السرعة في السيارات.
قبل اختراع مقياس الحرارة, كان الأطباء يقيسون حرارة المرضى بوضع أيديهم على جباه المرضى لمعرفة إذا لديهم حرارة أم لا. ولكن هذا النوع من القياس معرض للخطأ. حيث من الممكن أن تكون يد الطبيب باردة ويشخص أحداً بارتفاع الحرارة وهو سليم. لأن يد الطبيب أقل حرارة من جبهة المريض. وأيضاً يمكن أن تكون يد الطبيب حارة ويشخص مريض بأنه سليم وليس عليه حرارة. لأن يد الطبيب قريبة من حرارة المريض. هذا النوع من التشخيص له مشاكله ولكنه المستخدم في ظل عدم توفر مقياس مناسب. أما الآن مع مقياس الحرارة لا وجود لهذا الخطأ فهو يعرض درجة الحرارة بغض النظر عن العوامل الأخرى. إذاً قام المقياس بعملية مهمة وهي حذف القرارات الخاطئة. ولكن يبقى القرار هنا للطبيب فمع وجود هذا المقياس تبقى الحاجة لطبيب يقيم الحالة ويصرف العلاج بناءً على المعطيات التي لا يستطيع مقياس الحرارة معرفتها أو قراءتها.
يبقى أن الأرقام وحدها لاتكفي. صحيح أن الأرقام لا تكذب ولكنها لا تضع الصورة كاملة. فهناك معطيات أخرى يجب الأخذ بها في الحسبان. فمثلاً عندما نقول السرعة 60 كلم فهي 60 كلم ولكن قرارنا عن مناسبتها من عدمه تختلف من مكان لآخر. فمثلاً السرعة 60 كلم قد تكون مناسبة في المدن ولكنها بطيئة في الخطوط السريعة. وعندما نأخذ السرعة 120 كلم فهي سريعة في المدن وتكون مناسبة في الخطوط السريعة وبطيئة في حلبات السباق. وهكذا في السرعة 160 كلم، فهي سريعة في المدن والخطوط السريعة. وقد تكون مناسبة في حلبات السباق مالم يحتاج المتسابق إلى سرعات أعلى وهكذا. المقصد أن الأرقام وحدها لاتكفي رغم قدرتها على القياس وإعطاء المعلومة بشكل دقيق إلا أنها لاتكفي لأعطاء قرار سليم.
ففي الخلاصة عدم وجود مقياس مناسب لا يكفي والأرقام وحدها لا تستطيع إعطاء قرار صحيح. فلا بد من التجانس بين هاتين الطريقتين فلا بد من معرفة الأرقام الصحيحة والمعطيات المحيطة بهذه الأرقام لاتخاذ قرار مناسب. تجدر الإشارة هنا إلى أثر الخبرة السابقة في إتخاذ القرارات السليمة.
ومن طريف القول والأخبار المتناقلة في نفس السياق، أن أحد الأشخاص حلم أنه رأى نارً فذهب لمفسر (معبر رؤى). حيث عبر له بقوله: أنك ستدخل مشروع ناجح ولكني أطلب منك أن تدخلني شريكأً معك في المشروع. فقبل الشخص وفعلاً بعد فترة دخل في مشروع وربح منه. وبعد مدة حلم نفس الشخص بنفس الحلم. وقال في نفسه حلمت نفس الحلم والتفسير بلا شك سيكون نفس التفسير. وبعد فترة دخل في مشروع ولكنه هذه المرة خسر. فما كان منه إلا أن ذهب للمفسر وقص عليه القصة وأخبره بخسارته. فما كان من المفسر إلا أن قال: في المرة الأولى حلمت بالنار في فصل الشتاء. وفي هذا الفصل النار محببة لأنها تجلب الدفئ. أما في الثانية فكانت في فصل الصيف. وفي هذا الفصل النار لاتكون محببة ولو سألتني لقلت لك بأن لا تدخل المشروع.
المقصد لاتخاذ قرار حكيم، لابد من إدخال جميع المعطيات بالمعادلة للخروج بالحل الأمثل.